الأربعاء، 28 أكتوبر 2015

الوسائط الخفية للإعلام والإتصال: هيمنة الألعاب الإلكترونية


بسم الله الرحمن الرحيم


إن علاقة الإنسان بالترفيه والألعاب علاقة فطرية, أو ربما نتيجة للطبع الإجتماعي للإنسان،  المجبول على مخالطة أقرانه والتفاعل معهم.  فاللعبة سلوك بشري جمعي تأتي بالمتعة وتبرز المنافسة وتولد الألفة والارتباط مع الغير.  وهي،  بذلك، إحدى الركائز الأساسية في حياة البشر. ومع بداية العصر التقني  وظهور الحواسيب, شكلت الألعاب حضورا قويا في أوساط الشباب والأطفال خاصة.  ورسمت سمة مهمة من سمات الفعل الاتصالي الأساسية في هذا العصر.


وعلى الرغم من وجود الألعاب الإلكترونية في عالمنا العربي منذ بداياتها في الثمانينات الميلادية الماضية, وعلى الرغم أيضا مما فعلته وتفعله بنا شبابا وأطفالا،  إلا أنها لم تأخذ نصيبها من الإدراك الحقيقي لما تفعله في تشكيل عقلية الشاب والطفل ونظرتهما للحياة من حولهما. 

وحيث توجد الألعاب اليوم في أغلب بيوتنا وأجهزتنا, ما زلنا ننظر لها باعتبارها (لعبة) غير مدركين أنها بحكم تفاعليتها من جابن ومحتوياتها المتقدمة من جانب آخر قد تكون الأكثر أثراً على الفرد من أي وسيلة إعلامية أو اتصالية أخرى. 

لقد بدأت الإلعاب في شكلها الأولي في الخمسينات الميلادية الماضية كبحوث خاصة بأقسام علوم الحاسب في الجامعات الأكاديمية. ولكنها لم تعرف بشكل جماهيري واسع حتى الثمانينات الميلادية عند ظهور الحواسيب الشخصية ووحدات الألعاب الخاصة.



وقد أتاح انتشار الحواسيب الشخصية بشكل كبير لشركات الألعاب بوابة ضخمة للوصول إلى المستهلك. ولكن لضعف معالجات الحواسيب في بداية الحقبة ولأن نظام التشغيل الخاص بالكمبيوتر يأخذ حيزا كبيرا من المعالج, أقدمت بعض الشركات على بناء حواسيب صغيرة الحجم مخصصة للألعاب فقط سميت بـ Video Game Console أو وحدة ألعاب الفيديو. وإلى يومنا هذا والوحدات المخصصة للألعاب مستمرة, فكل جيل أقوى وأسرع من الجيل الذي قبله, وطرق التفاعل مع هذه الأجهزة تتشكل وتتجدد يوما بعد يوم.





وللألعاب الإلكترونية الحاسوبية سوق ضخمة اليوم, تؤثر في سوق الوسائل الأخرى, وتحتكر نسبا كبيرة من الجمهور. فمنذ التسعينات الميلادية الماضية بدأت الألعاب تنمو بشكل ملحوظ , معطية للكبار نسبة عالية من حجم السوق, حتى أصبح المتوسط العمري لللاعب 31 سنة. قد يبدوا الرقم مفاجئ للبعض, ولكن ارتفاعه يعود لانتشارالهواتف الذكية مما أتاح للأغلبية الوصول إلى هذه الألعاب الإلكترونية بسهولة، وأتاح للشركات المصنعة الوصول للأفراد بشكل سريع أيضا بدعم غير محدود من تجارة التطبيقات الذكية على الهواتف المحمولة ونحوها من الأجهزة صغيرة الحجم كالآيباد والنوت بك وغيرهما.





كما أن محاربة القرصنة, وارتباط أغلب الألعاب اليوم بالانترنت أجبر أغلب المستهلكين في الدول الناشئة على شراء الأجهزة والألعاب غير المقرصنة, مما أدى إلى ارتفاع كبير لسوق الألعاب الإلكترونية. وأصبحت الشركات تترجم ألعابها وتعلنها بمختلف اللغات لجذب الكم الأكبر من الجمهور. وقد أتاحت هذه البيئة الاقتصادية الترفيهية أن يحتل سوق الألعاب الإلكترونية المركز الاقتصادي الأول في العالم في مجال صناعة الإعلام والاتصال والمعلومات، حتى أصبح هذا السوق اليوم منافسا شرسا تجاوز هوليود ذاتها التي تربعت على عرش اقتصاد الوسائل لعقود كثيرة مضت. لدرجة أن الربح السنوي للألعاب في عام 2013 كان ضعف الربح الخاص بالأفلام. لعبة (سارق السيارات) هي إحدى الألعاب الشهيرة, وإصدارها الأخير حطم الأرقام القياسية في شتى المجالات الترفيهية حيث كسبت في أول 24 ساعة من صدورها 800 مليون دولار, وتكلفتها كانت 266 مليون دولار. ولعبة الحروب (نداء الواجب) أو Call Of Duty إحدى عمالقة الألعاب أيضاَ كسبت في أول 15 يوم لها في السوق, مليار دولار, وللمقارنة فلم (Avatar) الشهير وهو أنجح فلم على مر التاريخ من ناحية الكسب المادي أخذ يومين إضافيين ليصل إلى المليار دولار. 



ولا يبدو أن هيمنة الألعاب الإلكترونية ستتوقف عند هذا الحد, فالألعاب تتكيف مع التقنية التي تشغلها, والهواتف الذكية, وأجهزة الواقع الإفتراضي, والتطورات التقنية الكبيرة, كلها تدل على مستقبل واعد أكثر لهذه الألعاب الإلكترونية.عنصر التفاعل(عالى الكفاءة) الذي تنفرد به الألعاب الإلكترونية يجعل منها بيئة إتصالية مهمة جدا، لا بد لصناع التنمية البشرية اليوم من أخذها مأخذ الجد. الأبناء والبنات، الشباب والشابات، الأطفال، كلهم يلعبون إلكترونيا. وسيستمرون في اللعب. لكن الذي قد لا تدركه بعض أسرنا، أن هؤلاء عندما يلعبون، فإنهم لا يحصلون فقط على المتعة والترفيه مقابل اللعب. بل هم يعبرون رحلتي تعليم وتربية عظيمتين. إن لم يعرف الكبار اليوم سنا، كيف يتصرفون في هذه البيئة الخفية للاتصال بأبنائهم وبناتهم؟ وكيف يعرفون الرسائل الموجهة للجيل من خلال الألعاب؟ وكيف يتصرفون لحماية ما يجب حمايته من مكونات النفس البشرية؟ فإن الناتج جد خطير. كل أساليب اختراق الجيل الناشىء الممكنة اليوم تتم في بيئة الألعاب الإلكترونية، بذات الكفاءة التفاعلية العالية التأثير والإقناع. حتى الجماعات المتطرفة، صارت تروج لفكرها المتطرف ولسلوكها الإجرامي المشين، عبر الألعاب الإلكترونية، وبمهارة عالية جدا. فتلك الجماعات تدرك أن الألعاب الإلكترونية ذات الكفاءة الاتصالية الخفية، أمضى من كل وسائل الاتصال المكشوفة الأخرى. يروجون لألعاب القتل والدمار، بطرق شتى، ويخترقون حواجزنا الإجتماعية والثقافية. هي قضية تحتاج في ظني لمزيد من التأمل والنظر. 




المصادر:
5- Piracy

هناك تعليق واحد:

  1. Good morning, how are you?

    My name is Emilio, I am a Spanish boy and I live in a town near to Madrid. I am a very interested person in knowing things so different as the culture, the way of life of the inhabitants of our planet, the fauna, the flora, and the landscapes of all the countries of the world etc. in summary, I am a person that enjoys traveling, learning and respecting people's diversity from all over the world.

    I would love to travel and meet in person all the aspects above mentioned, but unfortunately as this is very expensive and my purchasing power is quite small, so I devised a way to travel with the imagination in every corner of our planet. A few years ago I started a collection of used stamps because through them, you can see pictures about fauna, flora, monuments, landscapes etc. from all the countries. As every day is more and more difficult to get stamps, some years ago I started a new collection in order to get traditional letters addressed to me in which my goal was to get at least 1 letter from each country in the world. This modest goal is feasible to reach in the most part of countries, but unfortunately, it is impossible to achieve in other various territories for several reasons, either because they are very small countries with very few population, either because they are countries at war, either because they are countries with extreme poverty or because for whatever reason the postal system is not functioning properly.

    For all this, I would ask you one small favor:
    Would you be so kind as to send me a letter by traditional mail from Saudi Arabia? I understand perfectly that you think that your blog is not the appropriate place to ask this, and even, is very probably that you ignore my letter, but I would call your attention to the difficulty involved in getting a letter from that country, and also I don’t know anyone neither where to write in Saudi Arabia in order to increase my collection. a letter for me is like a little souvenir, like if I have had visited that territory with my imagination and at same time, the arrival of the letters from a country is a sign of peace and normality and an original way to promote a country in the world. My postal address is the following one:

    Emilio Fernandez Esteban
    Avenida Juan de la Cierva, 44
    28902 Getafe (Madrid)
    Spain

    If you wish, you can visit my blog www.cartasenmibuzon.blogspot.com where you can see the pictures of all the letters that I have received from whole World.

    Finally, I would like to thank the attention given to this letter, and whether you can help me or not, I send my best wishes for peace, health and happiness for you, your family and all your dear beings.

    Yours Sincerely

    Emilio Fernandez

    ردحذف